أمتعتني نصوص كتابك أيّها العزيز رغم صعوبة تصنيفها، فهي تنفتح على القصّة والسيرة الذاتيّة وأدب الحياة والوصايا، ولا تخلو من دروس التنمية البشرية.
إنّها كتابة ما بعد حداثيّة، تكسر الأنماط والقوالب المألوفة الجاهزة، وحدود الأنواع الأدبية المتعارف عليها.
ما يلمُّ شعث النصوص في كتابك انها تمتح (تستقي) من صميم تجربتك الحياتيّة، مثقفة برؤية استبطائيّة تأمّليَة، تسبر أغوار نفسيّتك، وأخرى فلسفية ذاتية، وإن كانت في الحالة الأولى مستبصرة بفرويد ويونغ وأدلر في الطبائع الإنسانيّة، ومستفيدة في الثانية من فلاسفة ما بعد الحداثة: ليوتار ، حسن، وجيمسون وغيرهم.
بطلة هذه النصوص كانت اللغة الآسرة بدقّتها، وحميميّتها، وببساطتها الخادعة التي إذا قرأها/سمعها الجاهل ظنّ أنه يُحسِن مثلها.
لغة هذه النصوص في الحقيقة مزيج من لغات: لغة تقترب من واعية الطفل وطالب المدرسة واليافع، فتسجّل بأمانة العواطف والمشاعر، الغضب والنقمة والثورة والتردد والخوف من جهة، ومن جهة أخرى الفرح والزهوّ بالنفس والانتصارات والنجاحات.
وثمّة لغة أخرى علميّة دقيقة صارمة تتوسّل بالمصطلحات العلميّة لا سيّما في مجال التخصص الجامعي، وكذلك عند صياغة الاستنتاجات والمقولات الهامّة.
وبالتالي، فإن هذه النصوص عبارة عن شذرات من تجربة حياتيّة غنيّة ومثيرة، واستبصارات من السيرة الذاتيّة متجسّدة في مقولات استنتاجيَّة هامّة، اهتمّ المؤلف في إبرازها في الفصل الختامي بعد أن كان بسطها متضافرةً مع الأحداث والحكايات والاستطرادات عبر الفصول.
كتاب خطير بقدر ما هو شائق وماتع!
“بروفيسور” ياسين كتاني