النُقاد والمتخصصون

بروفيسور غالب عنابسة – باحث وأكاديمي ومحاضر

لا بد لي من تقديم أسمى التبريكات لصدور كتابك الفريد وبعد أن قرأت الكتاب لا بد لي من سرد الإشارات التالية:

“الأولى”

عتبة العنوان الذي يحمل وظيفة جمالية وتداولية بغية استدراج القارئ في القراءة وإخبارية ابتغاء تحديد دلالة وفضاء النص، يشار أن الناقد جيرار جينيت كان من الرواد الذين تناولوا ثيمة العتبات في الأعمال الروائية ولا شك أن جنون المنطق هو علامة إشهارية بل ويمثل عنصرا سلطويا منظما للقراءة، أو لغزا نحتاج لفك شيفرته وإذن فالعنوان يحمل دلالات متعلقة بعتبة النص التأليفي خاصة عندما يصبح المنطق جنونا.

“الثانية”

فهو النص المحيط التأليفي حيث يتحول السرد كمعادل للواقع وفي بعض الأحيان يعتبر رافضا للواقع أعني  عندما يتحول النص نفسه إلى تجسيد الواقع ما بين النص وذاكرة المؤلف مدة أربعين عاما فلدى الكاتب لحن لمساءلة الذات بين الماضي والحاضر وحين  يكون المنطق شريحة من تقدم الإنسان عندئذ فيمكن للإنسان أن يشبه الإنسان والذي يجذب النظر الفصول الأربعة التي شكلت الكتاب وهي حلقات منفصلة تشكلها وحدة تنسجم مع المضامين الواردة فيها وتكون جميعها عملا متماسكا ، لكن كل لوحة منها تعد عملا مستقلا  وهي ليست وحدة المؤلف بل وحدة المكان والزمان حيث تتحاور الوحدات وتتناغم لبيان الجدل والمفارقة لتتجاوب مع الهواجس بين الماضي والحاضر وفي هذا أدعي أننا صوب سرد جديد  قد ينسجم نسبيا مع المجموعة القصصية “سداسية الأيام الستة” للكاتب إميل حبيبي.

“الثالثة”

ظاهرة التزامن في الكتاب فقد اعتمد المؤلف واعيا للتلاعب باللعبة الزمنية فتارة يتناول الماضي وأخرى الحاضر وأحايين أخرى يلتقي الماضي بالحاضر.

“الرابعة”

لا شك أن العديد من لوحات الكتاب تبنت بنية الاستطراد في استخدام السيرة الذاتية في السرد حيث يستطرد من موقف لآخر مواقف من حياته الشخصية وهذا وجه آخر من وجوه الكتابة، لكن لا نظن أن المؤلف أراد أن يكتب سيرته الذاتية لأنه لم يصرح بذلك.

“النقطة الأخيرة”

لا بد من تناول اللغة التي استخدمها المؤلف فهي لغة رصينة بين اللغة المعاصرة ولغة التراث العربي وحقا ملك ناصية اللغة دون مبالغة.

ولا بد من الإشارة أن المؤلف اعتمد على الذاكرة للسرد القصصي والتي تعتبر من أهم أدوات الكتابة اعتمادا أن لكل ذاكرة نص واستنادا على علم النفس فإنها تشمل عمليات منها الترميز Encoding ومنها الاحتفاظ Storage ومنها الاسترجاع Retrieval وكلها مجسدة في الكتاب.

“وفي النهاية”

فإن الكتاب قطعة فنية رائعة من فن الكتابة تتوالد الحكايات من بعضها البعض وختاما لا أملك في نهاية حديثي يقينا بأن ما كتبته هو التأويل الملائم للكتاب فلعل جنون المنطق يقود بعض القراء للإيحاء بدلالات أخرى.